«التفتيش التأميني» في منشآت القطاع الخاص..30 -50% من عمال «الخاص» خارج التأمينات

«التفتيش التأميني» في منشآت القطاع الخاص..30 -50% من عمال «الخاص» خارج التأمينات..70 مفتشاً لمراقبة عشرات آلاف المنشآت..مشروع قانون جديد للتأمينات لإلغاء المرحلة الرابعة وتوحيد المزايا التأمينية..إغراءات عمل التفتيش كثيرة والرادع الأخلاقي المانع شبه الوحيد!

دمشق
صحيفة تشرين
تحقيقات
الاحد 23 آيار 2010
يسرى ديب

«تأمينات... اهربوا...»

هكذا كانت تتعالى الصيحات ويفر العمال لدى حضور مفتشي التأمينات إلى إحدى المنشآت.. ‏

وضع يجبر العامل على التآمر ضد نفسه، فهو مجبر أمام صاحب العمل على إظهار ولائه له ضد القانون الذي يحميه. وهو موقف يضع المفتش النزيه في وضع حرج، فرب العمل المخالف يستعديه سلفاً يضاف إليه العامل الذي يتظاهر بمعاملته كخصم. ‏

تفاجئك أسماء الشركات الكبيرة وفخامة بنائها ومديريها أو ملاكها، وبعد لحظات من التعرف تغيب هذه الصورة ليحل مكانها أشخاص معرضون للمساءلة أمام مفتشي التأمينات الذين يتحققون من عدد العمال المؤمن عليهم.

تحطمت الصورة! ‏
استقبلنا أحد مديري المنشآت بكل ترحاب، مؤكداً أن كل عماله مسجلون بالتأمينات، ولأن المفتشين الذين رافقتهم في هذه الجولة، خبروا معظم أساليب القائمين على المنشآت الخاصة، طلب المفتش محمد خير الدوس من السائق مراقبة الباب الخارجي، وبينما كان مدير أحد المنشآت يؤكد محدودية عدد عامليه بكل المشاعر التي تؤكد صدقه، كان السائق يؤكد تهريب أكثر من 20 عاملاً من الباب، وكان على المفتشين أن يتحققوا بأنفسهم من عدد العاملين والأماكن المحتملة لوجودهم، أبدى المدير استياءً كبيراً من الطريقة التي يتصرف بها المفتشون (أي التحقق بأنفسهم من أسماء العمال الموجودين في الغرف، أو غرفة الصلاة التي تستخدم كثيراً لإخفاء العمال في المصاعد، وفي الطوابق التي تظهر وكأنها أماكن مخصصة لجهة أخرى وهي أكثر الجهات التي يمكن أن يستخدمها أرباب العمل بعيداً عن الأعين للتخفي عن الرقابة ومنها التأمينية هنا).

سجل المفتشون العمال غير المسجلين، وبدأت طريقة الحديث تتغير فقال المدير إن عدد الذين هربوا أقل من 20 أي أنه اعترف بوضوح بتهريب العمال بعد تأكيده مرات بعدم صحة ذلك. ‏
المنشأة الثانية وكالة لإحدى الماركات العالمية، في تلك الجولة تعاملوا مع المفتشين بكل ثقة بالنفس، والواقع أن مفتشين آخرين كانوا قد تعرضوا للمعركة ذاتها في مرات سابقة، قبل أن يسجلوا نحو 100 عامل خارج التأمينات، في المنشأة ذاتها. ‏
في منشأة أخرى وتصعب معرفة السبب الحقيقي لكل الارتباك الذي ظهر على صاحبها، كان لديه بعض العمال غير المؤمن عليهم، ولكن عددهم لم يكن يتناسب مع حجم الارتباك الذي بدا عليه، ومحاولة عرضه للمال أكثر من مرة على أحد المفتشين. ربما اعتاد على هذه الطريقة مع جهات أخرى أو مفتشين آخرين. ‏
انتهت جولة ذاك اليوم بتسجيل نحو 20 عاملاً. ‏

إما منبوذاً وإما مرتشياً ‏

ليس عملاً سهلاً، بالنسبة للمفتش الذي «يقرر» أن يعمل بنزاهة، فهو معرض لكثير من الضغوط، يتعامل معه صاحب المنشأة باستياء واضح، وبكراهية، ويستخدم ضده الكثير من التلفيقات كالقول إنه دخل بطريقة إرهابية، أو إنه ارتشى، والحقيقة ان من يرتشون لن يقال إنهم فعلوا، لأن السلوك يختلف ما بعد الحصول على الرشوة. عليه أن يبذل قصارى جهده كي يتابع ويتأكد من صدق قول المعني في المنشأة سواء كان المالك، أو من وظفه صاحب العمل «للجم مفتشي التأمينات»، فهناك من يوظفه صاحب العمل لمهمة واحدة هي التفرغ للتعامل مع التأمينات كما لمسنا في جولتنا. ‏

رفض الاغراءات التي تعرض على المفتش، يقابلها جهد وضغط نفسي، وبين هذين الخيارين يقف العاملون في مجال التفتيش ويختارون. ليس هذا العرض للتبرير لمن يرتشي رغم أنهم ليسوا قلة (تم صرف نحو 15 شخصاً من الخدمة خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وتغيير جهاز التفتيش كاملاً في حلب، وتشكيل لجنة مركزية، تعمل في كل المحافظات، أغلب كوادرها من المديرين المركزيين. كما يؤكد مدير مؤسسة التأمينات الاجتماعية السيد خلف العبد الله) ولكن التقدير لمن لم يسجل له عمله أي «ارتكاب» رغم كل الإغراءات، لاسيما أن ظروف العمل واحدة، والدخل لا يحمي من حاجة. فمن يعملون في التفتيش هم من موظفي الثانوية أو المعاهد والجامعات، وما يتقاضونه وسطياً، لا يتجاوز 15 ألف ليرة، بينما ما قد يعرض عليهم يمكن أن يفوق مئة ألف ليرة في الجولة الواحدة تبعاً لعدد العمال غير المؤمنين. فهل يكفي التحصين الذاتي والأخلاقي ليكون الرادع الوحيد أمام كل هذه الإغراءات، وظروف العمل المجهدة، وهل يمكن للقوانين أن تطبق بالاعتماد على الرادع الأخلاقي فقط؟ ‏

استثمار الواقع ‏

في التأمينات نقص كبير بكوادر التفتيش، فعدد المفتشين في القطر لا يتجاوز 70 مفتشاً، وعلى هؤلاء أن يراقبوا كافة المنشآت الاقتصادية والتي بلغت في عام 2007 تبعاً لإحصائيات المكتب المركزي للاحصاء 99466منشأة، في حين ذكر الباحث الاقتصادي الدكتور سمير سعيفان في أحد مواضيعه المنشورة أرقاماً تعود للعام 2004 وتشير إلى أن هناك نحو 24850 شركة خاصة، و529121 منشأة فردية، وعلى هذا العدد المحدود من المفتشين متابعتها. ‏

تنص القوانين والتعليمات أنه يجب تغيير المفتش من منطقه عمله كل عامين، لضمان حقوق العمال، بمنع التنسيق بين المفتش وصاحب العمل، ولكن هناك مفتشين يقضون سنوات في المنطقة ذاتها، وقد لا يكون السبب دائماً نقص الكوادر، كما في حالة أحد المفتشين في محافظة اللاذقية الذي بقي في مهمته التفتيشية لأكثر من عشر سنوات، وعند نقله سلمته إدارته المنطقة التأمينية ذاتها في دائرة الإيرادات (المنطقة الأولى) وهذه واحدة من نقاط كثيرة موثقة وردت في تقرير أعده مدير دائرة سابق في فرع تأمينات اللاذقية للسيدة وزيرة العمل، ويشير التقرير إلى أن كثيراً من المخالفات تسببت بضياع حقوق المؤسسة والعمال، وعلى كل حال، طلبت وزيرة العمل من الرقابة الداخلية التحقيق في هذه المخالفات، وقد تكون هناك عودة أخرى لتلك التفاصيل. ‏

لماذا يتهرب أصحاب العمل من تأمين عمالهم ويعرضون أنفسهم لمساءلة قانونية ومالية، ونستطيع القول: أخلاقية؟ سؤال تم طرحه على بعض أصحاب العمل، خاصة عندما يظهر صاحب العمل بمظهر حرج وهو مخالف. ‏

وكانت الإجابات تتمحور حول الشعور بأن الاشتراك التأميني عبارة عن ضريبة إضافية، دون مردود. ‏

إن قلة فرص العمل تدفع العامل لبيع قوة عمله بأي ثمن، والإذعان لأية شروط مهما كانت مجحفة، وهناك من أصحاب العمل من يشعر بالغبن حتى من الراتب الذي يدفعه للعامل، فكيف الحال مع دفع مبالغ أخرى للتأمينات؟ خاصة أن كثيراً من أرباب العمل يعتبرون أن المبالغ المدفوعة للتأمينات لا تعود بأي مردود، فأصحاب الأموال عموماً يعتبرون أن أي ليرة توضع يجب أن تحقق ربحاً، وهذا مالا يحققه الدفع للتأمينات، خاصة بالنسبة للأعمال التي لا توجد فيها درجة عالية من الخطورة، بينما قد يختلف الوضع قليلاً بالنسبة للأعمال التي ترتفع نسبة الخطورة فيها، ويجد رب العمل أن تسجيل العمال أكثر جدوى، لأنه سيوفر تكاليف العلاج إذا أصيب أحد عماله. ‏

النسب مرتفعة ‏

الصناعي باسل الحموي يرى أن نسبة الاشتراك بالتأمينات مرتفعة (24%منها 8% يدفعها العامل، 16% صاحب العمل) ويرى أن تخفيض هذه النسبة إلى 4% للعامل و8% لرب العمل، يساهم في تطبيق القانون دون التهرب منه، ودليله على ذلك، زيادة إيرادات الدولة من الضرائب بعد تخفيض نسبتها، لأن المصداقية ستصبح أكبر بين أصحاب العمل، والعمال، والحكومة، ويتساءل الحموي وغيره ممن سألناهم من الصناعيين عما تقدمه التأمينات مقابل المبالغ التي تفرض على رب العمل، واصفاً الآلية السائدة بالظالمة، وتمنى الحموي لو أن القانون الجديد ألزم أصحاب المعامل والعمال على التسجيل بشركات التأمين العامة والخاصة، لتغطية الضمان الصحي، لأن التسجيل في شركات الضمان الصحي سواء كانت عامة أو خاصة أكثر ضماناً للعامل. ‏

مع تخفيضها ‏

مدير عام مؤسسة التأمينات خلف العبدالله يرى أن النسبة التي تفرضها التـأمينات، هي ضمن الحدود الدنيا، خاصة إذا ما قورنت بالدول الأخرى، فسورية من بين الدول العشرة الأقل في نسبة التأمين المفروضة (سورية: 24%، مصر 33%، ليبيا 40%، الكويت 25%، فرنسا 49%، رومانيا 55%....الخ) ومع ذلك يقول إنه مع تخفيض النسبة، وهذا بدوره سيخفض المزايا، مؤكداً أن بعض أصحاب العمل سيشتكون من النسبة حتى لو كانت 1%، ويؤكد أن هناك شكاوى شبه يومية من نسبة لا تتجاوز 3 بالألف عن اشتراكات بإصابات العمل لأعمال المقاولات. ‏

ويضيف ان قانون التأمينات السوري يتضمن مزايا يندر وجودها في الدول المجاورة والعالم، كنسبة المعاش التقاعدي التي تبلغ 75% من الراتب، وعن عمر 60 سنة بينما لا يتجاوز أعلى سقف للمعاش 60% في دول الاتحاد الأوروبي، ولا يقل العمر عن 67عاماً. ‏

(ولكن إن أخذنا بالاعتبار فروق الدخل والقيمة الشرائية، بيننا وبين الاتحاد الأوروبي، ربما ينبغي أن تقدم التأمينات نسبة تتجاوز 200 بالمئة، كي تظهر مزايا قانون التأمينات على المتقاعد في سورية). ‏

الباحث الاقتصادي الدكتور نبيل مرزوق لا يرى أن مستوى الضمان عال، لكن صاحب العمل في سورية، يعتبر أن أي قرش يدفعه خسارة، بما في ذلك الأجر الشهري للعامل، ويعتقد أن هذا يعود إلى الثقافة السائدة في المجتمع والناتجة عن تهرب بعض القطاع الخاص من مسؤولية الضرائب. ‏

الدكتور سمير سعيفان يتحدث في أحد أبحاثه عن قسم من رجال الأعمال مازال على النغم القديم، يرفع مطالب لا تنتهي، مع رغبة ضعيفة بأداء أي التزامات، ولا يؤديها إلا مرغماً، ويبرع في فنون التهرب الضريبي، رغم أنها من أقل النسب في العالم، وكذلك التهرب من الرسوم الجمركية، ومن تسجيل العمال في التأمينات الاجتماعية، ويستخدم الإفساد كلما استطاع. ‏

يضيف د سعيفان أن أكثر ما يشكو منه رجال الأعمال هو الفساد، وهي شكوى صحيحة، ولكن للفساد طرفان، فإذا لم يرضخ صاحب العمل للفساد أو يحرض عليه لن يقوّم. ‏

مدير الشؤون التأمينية في مؤسسة التأمينات الاجتماعية السيد محمود الدمراني يقسم أصحاب العمل إلى ثلاث فئات، ويؤكد أنه لمس وخبر هذه المجموعات من عمله الميداني: ‏

صاحب عمل يعرف القانون تماماً، وإلزامية الـتأمينات، لكنه يشعر بأنه فوق الجميع، ويرفض الاشتراك عن عماله، ويرى أن هذه العينة تشكل الخطر الأكبر على ديمومة التأمينات في المستقبل. ‏

وقد أكد الكثير من المفتشين أن هذه المنشآت التي يجمع أصحابها بين العمل الاقتصادي والنفوذ، لا يمكن دخولها، وإذا حصل مصادفة ودخلوا، لن تنتهي القصة عند تسجيل العمال بإظهار الاستياء للمفتش فقط! ‏

الفئة الثانية: صاحب عمل لا يعرف شيئاً عن التأمينات، وبالتالي فهو يرى أن إلزامه بالاشتراك سيحمله عبئاً إضافياً ليس بمقدوره، ويمكن التأثير في هذه العينة من خلال المتابعة وإطلاعهم على الآثار الايجابية لإخضاع منشآتهم لقانون التأمينات. ‏

ـ الأخيرة تنظر لمبدأ التأمينات من خلال الحلال والحرام، وتعتبر أن العامل ينال كامل حقوقه عند تقديم الراتب له. وهؤلاء يمكن للإعلام أن يعرفهم بما يجهلونه كما يقول الدمراني. ‏
يشهد على نفسه! ‏
المشهد الأكثر إيلاماً، هو اضطرار العامل للوقوف أمام مفتشي التأمينات وصاحب العمل مؤكداً أنه لا يريد أن يسجل بالتأمينات، وهو غالباً يقول عكس ما يتمنى ولكنه يفعل ذلك كي لا يغضب منه صاحب العمل أويعرض نفسه لخطر الطرد من العمل، فهو مشغول بتأمين دخل يومي، وأمام ضغط الحاجة قد لا يستطيع أن يفكر بما يمكن أن تقدمه له التأمينات بعد ثلاثين عاماً. ‏

يقدر مدير عام التأمينات الاجتماعية نسبة من هم خارج التأمين بنحو 30% وهذه نسبة القطاع غير المنظم في سورية، ولكن هناك آراء أخرى تقدر أن النسبة تفوق 50% لأن هناك الكثير من المنشآت المنظمة والتي لا تسجل كل العمال العاملين لديها. ‏
يبلغ عدد العمال المؤمن عليهم المسجلين في التأمينات نحو 3.3 ملايين عامل، منهم 2.2 مليون عامل من القطاع الخاص وذلك لغاية 2009، ويؤكد السيد العبدلله أن نسبة التسجيل في التأمينات ارتفعت خلال السنوات الأربع الماضية من 35 إلى 36%، ويرى أن السبب يعود لتكثيف الجولات التفتيشية، خاصة في المحافظات الأكثر تهرباً: ريف دمشق وحلب. ‏
الدكتور مرزوق يرى أن الأهم في موضوع التأمين هو شعور العمال بالحافز للتسجيل في التأمينات، لأن هذا الشعور قد يدفعهم للتكتل والضغط على أرباب العمل للتسجيل بالتأمينات، ولكن سقوف المعاشات التقاعدية أو التعويضات جعلتهم يشعرون بأن المبالغ التي يدفعونها تذهب سدى. ‏
يضيف الدكتور مرزوق أن هناك قصوراً في القانون التأميني، فهو لا يشمل عمال فئات أخرى كالخدمات المنزلية، والزراعية، والموانئ، كما أنه لا يتضمن تعويض البطالة. ‏
بين مرحلتين ضاعت الحقوق ‏
قانون التأمينات يشتمل نوعين من الاشتراك: المرحلة الثالثة والمرحلة الرابعة، فالاشتراك بالمرحلة الثالثة يتضمن المنشآت التي تستخدم خمسة عمال وما فوق ويشترك عنهم بكل أنواع التأمين (تأمين اصابات العمل مقداره 3% من أجور العمال ويدفعها صاحب العمل شهرياً، تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة، وهذه تدفع على شكل حصتين: حصة يدفعها العامل 7%، وأخرى يدفعها صاحب العمل 14%، يضاف لذلك رسم احتياطي مقرر بالمادة 75 من قانون التأمينات بنسبة 1 بالألف)، بينما يشترك صاحب العمل بالمرحلة الرابعة إذا استخدم أقل من خمسة عمال، ويستفيد عمال هذه المرحلة من جزء من التأمين (تأمين إصابات عمل مقداره 3%، إضافة لتأمين العجز والوفاة 2%، وهذه الـ 5% يدفعها صاحب العمل) ‏

الأعباء أكبر على أصحاب العمل الذين يشتركون عن عمالهم في المرحلة الثالثة، لذا يكثر التهرب منها، كما يقول المتابعون في المؤسسة، ولأن هذا التقسيم لا يمنح حقوقاً متساوية للعمال، أكد السيد الدمراني أن هناك مسودة مشروع لتعديل قانون التأمينات، سيتضمن إلغاء المرحلة الرابعة ليشمـل كافة العاملين بأحكام المرحلة الثالثة وبكافة صناديق التأمينات، ومن المقرر صدور هذا التعديل بعد قانون العمل الذي نشر مؤخراً. ‏

الاستثمار التأميني أكثر جبناً ‏

صدر قانون التأمينات الاجتماعية عام 1959 وهو من أقدم القوانين في المنطقة، وحتى 2001 كانت أموال التأمينات تذهب إلى خزينة الدولة، ويحرم العمال من عوائد مجزية يمكن أن تأتي من استثمار هذه الأموال. ‏

صدر القانون 78 لعام 2001 الذي سمح للمؤسسة باستثمار 50% من فائض أموالها، ثم تلاه القانون 2 لعام 2005 الذي أعطى المؤسسة الحق باستثمار فائض أموالها. ‏

تبلغ قيمة المعاشات نحو 17 مليار ليرة، ويقول مدير الاستثمار في مؤسسة التأمينات محمد خير الدوس، أن على المؤسسة أن تحتفظ بضعف المبلغ المطلوب للرواتب والنفقات الإدارية، وما عدا ذلك يمكنها استثماره في مشاريع آمنة مئة بالمئة، ووضعت المؤسسة 14 مليار ليرة ونصف المليار منذ 2005 ودائع في البنك العقاري الصناعي بفائدة تتراوح بين 6ـ 9 %. ‏

لم يكن هذا مجال الاستثمار الوحيد، هناك مشاريع أخرى ـ لسنا بصدد مناقشتها ـ كإعطاء قروض للمتقاعدين بسقف 200 ألف ليرة سورية، إضافة لشراء بعض العقارات والأراضي في مختلف محافظات القطر، ولكن كما يبدو لم تستثمر أموال التأمينات بشكل حيوي يحقق ريعاً مجزياً لأموال العمال المودعة في هذه المؤسسة، وربما يعود السبب إلى آلية العمل التي تحكم استثمار هذه الأموال، وخضوعها لآلية عمل القطاع العام بكل روتينه وتعقيداته، وغالباً، الاستهتار بأمواله. وقد تحتاج إيرادات صناديق التأمينات لسياسة مالية مختلفة، خاصة أن ديون مؤسسة التأمينات على القطاع العام كبيرة ويقدرها المدير العام للمؤسسة بنحو 70 مليار ليرة، والقطاع الخاص الذي تعتمد عليه المؤسسة للحصول على الإيرادات، توجد نسبة كبيرة من عماله خارج التأمين، وبالتالي يحتاج موضوع استثمار أموال المؤسسة لاهتمام أكبر يجنب الصناديق العجز في التسديد، كما معظم دول العالم. ‏



مزايا أفضل ‏

لزيادة موارد خزينة التأمينات يجب العمل بآلية مختلفة مع القطاع الخاص وهذا يحتاج إلى كوادر وموارد جديدة ودائمة، يقول مدير العمل في وزارة الشؤون الاجتماعية راكان ابراهيم إن قانون العمل الجديد يؤمن شروط عمل في مصلحة العامل صاحب العمل، كموضوع الاستقالة غير الموثقة التي كان العامل يوقعها مع عقد العمل، دون أن تتمكن الوزارة من عمل أي شيء، أما الآن فيجب أن ترسل نسخة عن عقد العمل إلى التأمينات فيه أجر العامل وحقوقه وعقوبة أي عقد عمل غير موثق 15 ألف ليرة كحد أدنى، وكذلك عقوبة براءة الذمة التي كانت توضع في إضبارة العامل إن وجدت الآن100ألف ليرة.يضاف لهذا التشدد بمخالفات التهرب التأميني عن كل عامل مثل راتبه ونصف، وتبعاً للحد الأدنى للأجور(6010) ليرة تبلغ نحو 9آلاف ليرة عن كل عامل. ‏

أضاف السيد ابراهيم ان القانون الجديد متوازن بين العامل صاحب العمل بما في ذلك المادة 65من قانون العمل والتي أثارت الكثير من الجدل. ‏

من منطق رجال الأعمال يقول بعض المختصين إن انعدام الأمان الوظيفي ينعكس على الاستقرار النفسي للعامل، وبالتالي التزامه بالعمل وتحسين انتاجه، الأمر الذي ينعكس على ضعف الانتاجية، هذا إذا كنا لن نذكّر بعض أصحاب العمل بأن هذا النظام عالمي، وهو جزء من المسؤولية الاجتماعية لرأس المال، مقابل الاستثمار الذي يستثمره، ومن يشغل انساناً ويستهلكه يجب أن يساعده على ايجاد سند له في آخر عمره. ‏


أضف تعليق
* الاسم:
بريدك الإلكتروني:
* عنوان التعليق :
* نص التعليق :
حرف متبقي